إحياء دار سك النقود المصرية

217
إحياء دار سك النقود المصرية
دار الضرب بالقلعة

أنشاء الوالى العثمانى ابراهيم باشا القبطان اول دار سك النقود المصرية أو كما عرفت بالضربخانة (دار الضرب) بالقلعة بين مسجدة وقصرة في عام 1709م (1121 هـ) وظلت موجودة حتى تم تجديدها من قبل محمد على باشا عام 1812م (1227 هـ) وظلت موضع رعايته حيث أمر بالزيادة فيها وإضافة أماكن للموازين وفحص الذهب ومصلى لأداء الفرائض عام 1824م (1242هـ).

وكانت دار الضرب تجمع عددا كبيرا من الصناع بلغ عام 1812م نحو 500 صانع وقد أشتهرت النقود المصرية التى كانت تضرب فيها في أقطار الأرض حيث ذكر انه لم يكن أظبط ولا أصح من مسكوكاتها لجودتها ,إتقان صنعا وظبط عيارها وحسن ذهبها وفضتها. توقفت مصر عن إستخدام الضربخانة  في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1883م وإتجهت الى سك عملاتها لفترات طويلة إستمرت لاكثر من قرن من الزمان في لندن وباريس وبومباي وبرمنجهان وبودابست وغيرها من المدن الي جانب العملات الكثيرة المختلفة التي كانت سائدة في التعامل مثل العملات الإنجليزية والهندية والفرنسية.

الحاجة الى سك العملة في مصر

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الأهرام 13-05-1937 Al Ahram

البداية مارس عام 1937 حيث أشار وزير المالية في بيان له الى ما أتجهت إليه النية من إنشاء دار  لسك النقود في مصر حيث يعمل ذلك على فتح مجالا جديدا للعمل، وذكر في منشور بجريدة الأهرام في 13 مايو 1937 من قبل بعض كبار الفنيين أن إنشاء هذه الدار يتطلب نفقات سنوية كثيرة حيث تحتاج الى مدير فني يتقاضى نحو 1400 جنيه مصري سنويا عدا مايتقاضاه غيرة وماينفق على شؤون الدار الاخرى ولكن رغم هذه الأعتبارات تم وضع الموضوع تحت موضع البحث.

و مع إندلاع الحرب العالمية الثانية تعرضت مصر الى أزمة في النقود خصوصا في الفكة ونقص في الإمدادات من العملات الفضية التي كانت تصل الي البلاد ، لذا طرحت الحكومة المصرية في عام 1941 امر سك العملات في مصر للتشاور وبالفعل تم سك أول قطع من فئة القرشين الفضية في نوفمبر من نفس العام والتي إستمرت حتى عام 1942 في مصلحة الدمغ والموازين. راجع موضوع قرشان 1942… خدعوك فقالو

دار سك النقود المصرية

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الأهرام Al-Ahram-1948.08.19

في أغسطس عام 1948 تم إسناد مهمة بحث إنشاء دار لسك النقود المصرية في القاهرة لكل من وزارة التجارة والمالية وبقيادة محمود سري مدير مصلحة الدمغ والموازين، والذي أفضي بحديث الى جريدة الأهرام في 18-8-1948 إستهلة بلإشارة الى مافي سك النقود المصرية خارج البلاد من مساس بالعزة القومية وبمظهر من مظاهر الإستقلال الإقتصادي وخاصة في العهد الحالي الذي تحرص الدولة على تمصير المرافق العامة.

وأشار أن تنفيذ المشروع الجديد سوف يفتح أبواب عمل لطائفة من الشباب المتعلمين تعليماً فنياً فضلا عما فيه من إقتصاد الأموال التي تنفقها الدولة في إستيراد النقود من الخارج، وذكر ان النفقات التأسيسية للمشروع لاتزيد على 50 الفا و 500 جنيه منها 7500 جنيه للمرتبات والأجور و 15 الفا لتشيد المبنى و 28 ألفا لشراء مختلف الألات والأدوات.

وفي يونيو من عام 1949 تم مناقشة ميزانية دار سك النقود خلال السنة المالية ، وفي أغسطس من نفس العام أعلن وزير التجارة والصناعة عن إجراء مسابقة دولية لوضع أحدث تصميم عن دار سك العملة في القاهرة، ولقد إقترح أحد مفتشي الأثار في ذلك الوقت الاستاذ حسين عبد الوهاب ان يكون مكان دار الضرب الجديدة ملاصقا لدار الضرب القديمة (الضربخانة) وعلى ان يكون طرازها مقتبساً من عصر محمد على لتتماشى مع المجموعة القائمة حولها وإحياءً الى ذكري دار الضرب المصرية.

عطاءات دار سك النقود

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الأهرام Al Ahram 1950.07.16

حددت وزارة التجارة يوم 5 سبتمبر من عام 1950 لفحص العطاءات الخاصة بإنشاء دار جديدة لسك النقود على قطعة الأرض المخصصة لذلك الى جوار مستشفي الحميات بالعباسية، حيث سوف يتم تحديد الشركة التي يرسو عليها العطاء بإستيراد ما تحتاج اليه الدار من أجهزة لسك النقود وصناعة الميداليات والنياشين وما الى ذلك، فضلا عن قيامها بإعمال البناء. وجدير بالذكر ان نفقات إنشاء الدار في هذا العام قد تغيرت وتم تقديرها بحوالي مائة ألف جنيه. ,اشرف على فتح مظاريف العطاءات الاستاذ محمود سليمان غنام وزير التجارة والصناعة.

في تلك الأثناء توجه وفد برئاسة السيد عبد الحميد حسن وكيل وزارة التجارة والصناعة الى كل من دور السك في فيينا وبلجيكا وروما لفحص أحدث معدات السك في ذلك الوقت وذلك حرصا على ان تكون دار سك النقود المصرية من أحدث دور السك في العالم من ناحية توفير الالات والنظم الحديثة فيها.

قدرت مساحة المباني بنحو اربعة الاف متر بخلاف اربعة الاف اخري للحديقة والملحقات الاخرى وقد ادرج في ميزانية مصر لعام 1950-1951 مبلغ 80 ألف جنيه لإقامة مباني الدار و 120 الف جنيه لشراء الالات اللازمة وقد رسي العطاء على شركة المانية بمبلغ 75 الف جنيه، غير ان وزارة التجارة رأت إضافة بعض العدد والالات ورفعت النفقات الى 92 الف جنيه.

إنتاج 75 مليون قطعة سنوياً

تم تقدير عدد القطع التي سوف تنتجها دار سك النقود في ديسيمبر عام 1950 من عملات الذهب والفضة والنيكل والبرونز بنحو 50 مليوم قطعة في العام يمكن زيادتها الى 75 مليون قطعة وذلك في الاحوال العادية على أساس سك 120 قطعة معدنية في الدقيقة وذلك بخلاف الميداليات والنياشين وأختام دمغ المعادن والموازين واختام مختلف المصالح الحكومية والوزارات. وتم إقتراح ان تقوم الدار بسك عملات الدول العربية الشقيقة بعد إستكمال حاجة البلاد من عملاتها.

إعادة سك العملات المصرية

ولما كانت لعملات المصرية في البلاد المصرية تختلف في كل وحدة قيمية وذلك في الشكل والحجم كما أنها تحمل صورا مختلفه لبعض ملوك مصر، فلقد تقرر وقتها ان يعاد سك جميع العملات المعدنية بشكل واحد بحيث تحمل جميع العملات صورة الملك فاروق وتتوحد شكل كل منها فلاتكون هناك عملات لخمسة مليمات مثقوبة (عملات السلطان حسين كامل) واخري غير مثقوبة، ودائرية واخري متعرجة. وتم تقدير العملات التي سوف يعاد سكها بنحو 160 مليون قطعة وذلك لتوفير العملة المتحدة للدولة، وتم تحديد أسم الدار “دار سك النقود الملكية”.

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الاهرام 11-12-1950 Al Ahram

أقرار تشريع دار سك النقود

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الاهرام Al Ahram , 1950.12.05

ناقش مجلس الشيوخ المصري في 3 ديسيمبر عام 1950 مشروع القانون الخاص بإعتماد 24 الف جنيه لإنشاء دار سك النقود مع رفع تكاليف هذا العمل من 50 الف جنيه الى 120 الف جنيه ورفع تكاليف إقامة مبنى الدار من 50 الفاً الى 80 الفا، وسأل أعضاء المجلس عما تصرفه الحكومة على سك النقود في الخارج الان وعن التكاليف السنوية للدار لكي يتم مقارنة الحالتين.

اجاب وزير التجارة ان الحكومة لا تنظر الى المشروع من كافة التكاليف، بل ترى ان تكون لنا دار سك النقود الخاصة بنا كما هو الشأن في كل الدول، وأشار الى ضرورة إحياء التراث القديم لدار الضرب المصرية مهما كانت التكاليف. لم تعترض مجلس الشيوخ على القرار بل نظروا اليه نظرة قومية خالصة ووافق المجلس على مبدأ التشريع وصدر القانون رقم 178 لعام 1950 في 14 ديسيمبر بفتح إعتماد إضافي في ميزانية السنة المالية 1950-1951.

دار سك النقود المصرية
صورة من قانون 178 لعام 1950

اللجنة العليا لدار سك النقود

إحياء دار سك النقود المصرية
قرار وزاري رقم 1 لسنة 1951

في 15 يناير عام 1951 صدر القرار رقم 1 بتشكيل اللجنة العليا لدار سك النقود يرأسها وزير التجارة والصناعة والاعضاء التاليين :السيد عبدالحميد حسن، وكيل وزارة التجارة والصناعة – علي فريد، وكيل وزارة الأشغال لشؤون المباني – محمود سري، مدير عام مصلحة الدمغ والموازين – سيد عبدالجواد، مدير مصلحة الميكانيكا والكهرباء – ، حامد خضر، مدير عام الإدارة والتوريدات – والدكتور يوسف جرجس برسوم، مراقب عام مصلحة الملكية الصناعية.

تختص اللجنة العليا بالإشراف على تنفيذ العطاء الذي وقع الإختيار عليه لإنشاء دار سك النقود، مراجعة القوانين واللوائح، وتشكيل لجنة تنفيذية لتنفيذ قرارات اللجنة العليا برئاسة محمود سري بك مدير عام مصلحة الدمغ والموازين.

مشروع البنك المركزي وتعديل نظام النقود

في فبراير عام 1951 عرضت مذكرة إيضاحية من لجنة النواب المالية في مجلس النواب من قبل الحكومة المصرية والبنك الأهلي المصري على مشروع القانون الخاص بتحويل البنك الاهلي الى بنك مركزي دون إدخال اي تعديل عليه، ونص في المشروع ان يظل إمتياز إصدار أوراق النقد ممنوحا للبنك الأهلي وان يقابل أوراق النقد المتداولة بصفة دائمة رصيد مكون من الذهب وصكوك أجنبية.

وبناء على تلك المذكرة اعلنت لجنة المالية المصرية في مارس عام 1951 عن تقرير مشروع القانون الخاص (قانون 185) بتحديد وزن الذهب في الجنيه وتعديل بغض أحكام القانون الخاص بالنقود بالبلاد عن طريق إعادة تقويم الرصيد الذهبي بوضعة في حساب خاص كإحتياطي لدعم قيمة النقد، كما أجيز تعديل وزن النقود الذهبية والفضية وعيارها.

إحياء دار سك النقود المصرية
Al Ahram (الأهرام‎), 1951.02.20

البدء في تنفيذ المشروع

بعد ان انتهت الحكومة المصرية من الاجراءات التمهيدية ومن التعاقد على بناء دار سك النقود تم وضع حجر اساس الدار بالعباسية في منتصف عام 1951، ثم قامت الشركة التي تعاقدت مع الحكومة المصرية بتوريد معظم الالات والتي بلغت تكاليفها نحو مائة الف جنيه. وأعدت خطة لجعل الالات السك الخاصة بالدار لايقل إنتاجها في السنة عن مليون ونصف مليون قطعة من فئة الريال ونصف ريال (10 قروش) و ربع ريال (5 قروش) وقطع القرشين.

وعشرون مليون قطعة من النيكل من فئة القرش (10 مليم) ونصف القرش (5 مليم) و المليمين، وخمسة ملايين قطعة من البرونز من فئة المليم، وذلك عدا نصف مليون قطعة من الذهب من فئة الخمسة جنيهات وفئة الجنيه ونصف الجنيه والريال الذهبي ، الى جانب إنتاج الاقسام الفنية التي سيعهد اليها القيام بصنع الميداليات والنياشين والاختام. بالإضافة الى إستعدادها لتزويد الدول الشقيقة بما تحتاجه من عملات معدنية.

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الأهرام Al Ahram, 1952.03.27

أصبحت خطوات المشروع تسير بخطوات سريعة ووصلت جميع الالات اللازمة لدار السك وفي مارس عام 1952 أعلن في جريدة الأهرام عزم الحكومة المصرية عن إفتتاح دار سك النقود الجديدة في نهاية هذا العام، وفي 30 مايو عام 1952 عقد الدكتور زكي عبد المتعال وزير المالية والإقتصاد إجتماعاً مع وكلاء الوزارة لبحث عملية سحب العملات السابقة لعهد الملك فؤاد وأن يكون أول عمل يوكل الي دار السك النقود الجديدة إصدار عملات بإسم جلالة الملك فاروق لتحل محل العملات المسحوبة.

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الأهرام Al Ahram , 1952.06.01

كما ناقش عملية الإستغناء تدريجيا عن الأوراق النقدية من فئة عشرة قروش وخمسة قروش لعدم إحتمالها التداول الطويل وإحلالها بالعملات لافضية رغبة في المزيد من تجانس العملة، ,وتم تصميم مبني دار سك النقود المصرية الجديدة على الطراز الأيوبي ولكن تأبى الظروف ان يشهد الملك فاروق إفتتاح الدار حيث تم عزلة خلال أحداث ثورة 23 يوليو 1952.

إحياء دار سك النقود المصرية
مبنى دار سك النقود (مصلحة سك العملة لاحقا ثم مصلحة الخزانة العامة وسك العملة المصرية )

سك العملة الجديدة

إحياء دار سك النقود المصرية
جريدة الأهرام Al Ahram1953.05.14

كان من المقرر ان تبدأ دار سك النقود الجديدة عملها في منتصف عام 1953 حيث أعلنت إستعدادها عن طرح عملات جديدة في السوق إبتداء من 23 يوليو عام 1953، وقد إتفق مبدئيا على سك عملة فضية من فئة العشرين قرشا والعشرة قروش والخمسة قروش وعملة برونزية من فئة العشرة مليمات والخمسة مليمات والمليم واحد.

كما تم بحث فكرة إصدار عملة من فئة القرشين والمليمين وما إذا كان سوف يتم سك القرشين من الفضة ام البرونز، وأعدت وزارة المالية والإقتصاد مشروع قانون ارسلته الى مجلس الوزراء بعيار وأوزان العملات الجديدة، وتم الإتفاق على أن تكون رسوم العملات البرونزية موحدة وعليها رسم الأهرامات الثلاثة، وكذلك العملة الفضية. وعهدت وزارة المالية الى مصلحة المساحة وضع عدة رسوم ليختار منها وزير المالية مايراة مناسبا للعملة الفضية الجديدة.

على الرغم من ذلك فلقد بدأ فعليا العمل في دار سك النقود المصرية في نهاية عام 1954 وتم إصدار وتنفيذ تصميم العملات التي تحمل صورة ابو الهول والذي يعد اول إصدار للعملات المصرية في الفترة الجمهورية.

إحياء دار سك النقود المصرية
علبة تحتوي على أول إنتاج دار سك النقود المصرية من عملات أبو الهول

المصادر

1- جريدة الأهرام المصرية – أعداد متفرقة من عام 1937-1954

2- سك النقود – وزارة الخزانة المصرية 1960

3- موسوعة العملات وكتالوج العملات المصرية – العملات المعدنية – مجدي حنفي

4- تشريعات النقد العربى Egypt 1922 – 1951 – مكتبة المقتني  العربي

5- تاريخ مصلحة سك العملة المصرية

لمواضيع مشابهة يمكنك تصفح موقع المقتني العربي من الرابط التالي:

بيع العملات الملكية في سك العملة المصرية

ضرب في مصر ، التاريخ خلف نقوش المسكوكات

Previous articleالقبض على عصابة تزوير طوابع البريد
Next articleاثقل دراخم سك الاسكندرية ظهر في العالم
Mazen Mira
Devoted numismatist specializing in Arabic Numismatics, Experienced Territory Manager with a demonstrated history of working in the pharmaceuticals industry. Founder of the Arab Collector and acts as the magazine editorial-in-chief.