عملية إعادة السك في العملات المعدنية

12

بعض التفاصيل عن عملية إعادة السك في العملات المعدنية أو ال “ريسترايك”

كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن الريسترايك مع ظهور قطع مصرية مقيمه من شركة NGC وهو الأمر الذي بدا غريبا للكثير من الهواة. هذا المقال لن يعرض كافة النظريات بقدر ما سيركز على المعلوم يقينا من المعلومات عن الريسترايك في النميات بشكل عام.

أولًا: تعريف الريسترايك أو اعادة السك:

يطلق علي العملة انها ريسترايك عند توافر كل الشروط التالية:- مرحلة اعادة السك تبدأ بعد الانتهاء تماما من السك الأصلي وقد تتبعها بسنوات كثيرة.- ان يتم السك بإستخدام القوالب الأصلية (die) التي استخدمت في سك العملات الأصلية او باستخدام قوالب تم صناعتها من القوالب الأصلية (Master hubs).- ان يتم السك باستخدام نفس المعدات التي أنتجت العملات الأصلية.- اعادة السك قد يحدث بأوامر مباشرة من الحكومة المصدرة أو بدونها.

MariaTheresiaset10_2

ثانيا: اشهر العملات التي تم إعادة سكها:-

ريالات (ثالر) ماريا تيريزا والذي استمر سكها قرونا بعد الإصدار الأصلي بنفس التواريخ.- جنية إنجليزي ذهب إصدار ١٩٢٥ وتم إعادة سكة مابين ١٩٤٩-١٩٥١ دون تغيير التاريخ أو حتى وجة الملك!

ثالثًا: دار سك بومباي وسبب سكها لعملات دول اخري كمصر:

في فترات الحروب ونظرا لتحركات الجيوش بين الدول المتحالفة وعلي عدة جبهات، نجد ان الطلب علي العملات يرتفع بشدة اذ يجب على الحكومات ان توفر مرتبات الجنود والضباط الآتيين من الدول الأخرى والذين قد يصل عددهم لعشرة أضعاف سكان البلد الأصليين!

وبطبيعة الحال لا تتمكن دار السك المحلية من مضاعفة إنتاجها بهذا الشكل المهول فجأة عند اندلاع الحرب مما قد يؤدي لحدوث أزمات اقتصادية وتذمر بين الجنود إذا لم يستلموا مرتباتهم، لذا تلجأ الدول للاستعانة بدور سك اجنبية صديقة لمساعدتها في سك كميات إضافية من العملة وهذا ما حدث تحديدا بين مصر والهند في الحرب العالمية الأولي وأستراليا والهند في الحرب العالمية الثانية.

رابعا: علاقة دار سك بومباي بالريسترايك:

نظرا لإنعدام المعلومات الموثقة والدقيقة عن اعادة سك العملات المصرية في بومباي سنتناول هنا تاريخ الدار في اعادة سك عملات استراليا واغلب ظن الكاتب ان القصة تتشابه كثيرا بين الدولتين.

81328272_1602853589872670_3802637406767677440_o

في عام ١٩٦٤ قامت ضجة بين جموع هواة العملات الأسترالية، فأستراليا في هذا التاريخ كانت قد أعلنت إلغاء التعامل بالجنيه الأسترالي (والذي كان مساويا للجنية الإنجليزي) واستبداله بالدولار الأسترالي مما ادي بالتبعية لإلغاء العملات الصغيرة كالبنس والفلورين والشلن إلخ.بعدها مباشرة أعلنت دار سك بومباي انها مستعدة لإعادة سك بنسات استراليا التي اصدرتها قبل اكثر من عشرون عاما اثناء الحرب العالمية بناء علي طلبات الهواة وعلي هيئة عملات بروف بسعر اعلي من تكلفة السك الفعلية؛ (حوالي ٣$ للقطعة الواحدة والذي اعتبر آنذاك سعرا مرتفعًا) .. لم يعرف اغلب الهواة الأستراليين (لاحظ ان هذا كان قبل عصر الإنترنت بمراحل وأيضا بسبب اختلاف اللغة إلخ) بهذا الموضوع الا ان احدهم قرر ان “يجرب حظة” وأبرق بطلبية مكونة من مجموعة واحدة وهو يظن في اغلب الأمر ان القصة كلها لا تعدو مجرد دعابة أو حيلة من احد النصابين والذي يزعم أنة يمثل دار سك بومباي.

بعد مضي بضع أسابيع فوجئ صاحبنا بورود طرد صغير بداخلة مظروف رسمي من دار السك ويحمل شعارها ويحوي بني ونصف بني استرالية من عامي ١٩٤٢ و ١٩٤٣ بروف!وعرض الموضوع علي الهواة وبسرعة عرفت الحكومة الأسترالية في كانبرا والتي بدورها أرسلت احتجاجا شديد اللهجة لنظيرتها الهندية، دار السك عللت موقفها بإن العملات لم تعد تتداول في استراليا لذا هي مجرد “انتيكات” ولا توجد أي مشكله فى اعادة سكها كتذكار الا ان الحكومة الأسترالية اشارت انها هي من تحملت تكاليف صنع القوالب فى الأربعينات لذا فحق ملكيتها واستخدامها يعود لها في المطلق وليس من حق بومباي ان تعيد استخدامها دون إذن مسبق، وأصرت علي منع اعادة السك وعلي شحن القوالب فورا لدار سك العملة في كانبرا بأستراليا لإتلافها بمعرفتها وهو الأمر الذي تم بالفعل وانتهت الازمه.

81606589_1602853403206022_3982007756583337984_o

وقتها أرسلت الحكومة الهندية تقريرا لأستراليا انها سكت “حوالي” ١٠٠ قطعة بهذا الشكل لكن وبعد مرور اكثر من نصف قرن علي الحادث يرجح اغلب الهواة الأستراليون ان العدد الفعلي للسك كان اقرب ل٢٠ قطعه فقط بناء علي ما ظهر في المزادات منذ ١٩٦٤ حتي الآن.

عملية إعادة السك في العملات المعدنية

لاحظ الهواة ان هناك نقطة صغيرة جدا خلف رأس الملك جورج السادس. في بداية الأمر اعتبروها مجرد شائبة لكن بفحصها بدقة اتضح انها علي هيئة معين (Diamond) والاغلب انة شكل مقصود للتفريق بين القطع الأصلية وتلك المعاد سكها.

عملية إعادة السك في العملات المعدنية

مراحل تاريخ دار بومباي بالنسبة لإعادة السك:- بدأت الدار هذا التوجه منذ فترة طويلة لتغطية نفقاتها وكذلك لتحقيق ربح غير شرعي لمدير الدار!- هناك العديد من العملات التي أعيد سكها خصوصًا في الفترة مابين ١٨٩٠ و ١٩٠٥- اقتصرت عمليات اعادة السك لكبار الموظفين وعلية القوم والهيئات الأجنبية حتى عام ١٩٤٧- بدأ من عام ١٩٤٧ عرضت خدمة اعادة السك لكل الهواة بغض النظر عن مركزهم وتمكنوا من الاتصال بالدار مباشرة لتحديد طلباتهم.- اقتصر اعادة السك على عملات الهند فقط في السنوات الأولي وشيئا فشيئا بدأت الدار اعادة سك عملات الدول الأخرى.الي هنا انتهي ما نعلم علي وجة اليقين والجزء التالي انما هو مجرد اجتهاد من الكاتب.

خامسا: الرسترايك الملكي المصري:

بناء علي ما سبق فيمكن استنتاج ان إعادة سك العملات الملكية لو تمت بالفعل لإقتصرت فقط علي بعض العملات المضروبة في الهند ويستبعد انها امتدت للعملات التي سكت في أوروبا او جنوب أفريقيا.غالبا ان عملية اعادة السك هذه تمت بعد تغيير كميات ووزن وعيار العملات المصرية أي بعد ١٩٥٣ (ومن المعروف ان ريالات السلطان حسين كانت متداولة ومقبولة في السوق حتي نهاية عهد الملك فاروق). وبالتالي لا يرجح الكاتب ان القطع كانت من مجموعة الملك فاروق خصوصا وهي لم تذكر في كتالوجات مزاد قصر القبة ١٩٥٤ واغلب الظن ان الرجل لو كان علم بهذا الأمر لطلب من الحكومه المصرية استرجاع القوالب بأقصى سرعة.من الصعب التكهن بالكميات المسكوكة لكن الأرجح ان عددها اقل من نظيرتها الأسترالية خصوصا وأن الدار كانت تطلب من المشتري توريد المعدن لو كانت القطعة الأصلية ذات معدن نبيل كالذهب أو الفضة.ذكر الكتالوج العالمي “كراوس” عن احتمالية وجود بعض القطع المصرية المعاد سكها وإن كانت المعلومات غير دقيقة تماما.

مع الأسف الصور الموجودة حاليا للقطع المصرية المقيمة ريسترايك ليست عالية الدقة وبالتالي لا يمكن فحصها بشكل مقنع لإثبات أو نفي وجود علامة كالمعين او شئ من هذا القبيل.اخيرا، لا يمكن ان نتغافل عن ان التقييم كما ذكرنا مرارا من قبل إنما هو علم وفن ومن الممكن جدا ان تكون شركة التقييم “استنتجت” ان القطع ريسترايك وقد يكون هذا الاستنتاج صحيحا كذلك ربما يكون خاطئا، ببساطه لا نعلم فى الوقت الحالي وبدون فحص القطع مباشرة.

هل تستحق الريسترايك سعرا اعلي أم اقل من سعر العملات الأصلية؟

الموضوع -ككل ما له علاقة بالهوايات – مسألة عرض وطلب، بعض الهواة ربما يعتبرها قطعا لم تصدر بشكل رسمي وبالتالي فمثلها كمثل العملة المزيفة خصوصا وإنها لم تصدر للتداول قط فلا تستحق الاقتناء كما يشير بعضهم الي ان الريسترايك للأمثلة المذكورة أعلاه للثالر والجنية الإنجليزي أرخص من النسخ الأصلية… من ناحية أخرى قد يعتبرها الأخرون جزء من تاريخ العملة شديد الندرة وبالتالي يستحق سعرا أعلي، في جميع الحالات لا توجد إجابة خاطئة وإن كنا نعتقد ان الطلب سيكون عاليًا جدا لهذة القطع علي الأقل في الفترة القادمة.

نتمني ان يكون هذا المقال قد نجح في القاء بعض الضوء علي هذا الفصل من تاريخ العملة المصرية والتي يبدو انها مازال لديها الكثير من الأسرار للبوح به لعشاقها!

Previous articleمتحف سك العملة.. تاريخ من الحكايات المصرية
Next articleإصدارات جزيرة “نيوي”