كنز غزة المنسي

دعونا نكتشف قصة كنز غزة المنسي بالتفصيل

إكتشاف كنز غزة

في منتصف الستينات تقريبا اكتشف صياد يدعى “سلامة” كنز من المسكوكات القديمة في بحر غزة يضم 29 قطعة فضية متنوعة الوزن و الطراز ، و على الفور توجه لأحد أصحاب محلات الصاغة بغزة و المشهور بشرائه للنقود الأثرية ؛ يدعى “خضر يوسف ترزي” ، و قد شعر “خضر” بأهمية القطع التي يعرضها عليه الصياد البسيط ،

فاشتراها مباشرة ؛ و طبعا دفع للصياد مبلغ زهيد لا يتناسب مع أهميتها ، فيما بعد تمكن “خضر” من تحديد نوع المسكوكات ؛ فطرزها تشير لكونها ضربت بمدن يونانية ، لكنه لاحظ أنها متنوعة جدا و بعضها يصل وزنه لما يقارب 40 جرام ؛و ربما تنتمي لفترة تسبق ما اعتاد أن يراه من النقود اليونانية القديمة ، احتفظ “خضر” بالكنز و لم يعرضه للبيع في ذلك الحين ، فقد أراد التعرف عليه بدقة و توثيقه ، لكن بعد فترة قليلة اندلعت الحرب بين العرب و الكيان الصهيوني في عام 1967 ، و كان من نتائجها احتلال قطاع غزة ، و كما هو معلوم عمت الفوضى ، هنا شعر “خضر” بالخطر و قرر أن ينقل الكنز لمكان آمن .

ذهب إلى كنيسة الروم الأرثوذكس بمدينة غزة و طلب إيداع القطع لديهم ، و بالفعل قامت الكنيسة بإيداعها في أحد خزائنها الآمنة بعد احصاء أوزانها و أبعادها ، و ظل كنز غزة المنسي في تلك الخزانة منذ عام 1967 حتى عام 2005 لا يعلم عنه المجتمع العلمي أي شئ ،

و بالنهاية قامت الكنيسة بتسليم القطع لورثة “خضر” -أبناؤه الثلاثة “يوسف” و “داود” و “راويا”- و قد سمح الورثة للباحثين الدكتور “فرناندو لوبيز سانشيز” و “دانيال جوميز كاسترو” بتوثيق الكنز و دراسته و نشره قبل أن يعرضوه للبيع.

كنز غزة المنسي
وثيقة صادرة من كنيسة الروم الأرثوذكس بغزة تثبت تسليم الكنز المتواجد لديهم منذ عام 1967 لورثة “خضر يوسف ترزي” عام 2005

تحديد الحقبة التاريخية

حدد الباحثان الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها قطع الكنز بالفترة الأرخية المتأخرة قبل الحروب الفارسية مباشرة و ربما خلالها ، ما بين عامي 510 و 475 قبل الميلاد تقريبا ، و كان من المثير ظهور بعض التصميمات التي لم تسجل من قبل و البعض الآخر مشابه لما تم تسجيله بكنز أسيوط للمرة الأولى ، و شمل الكنز على قطع من فئة الدوديكادراخم و الديكادراخم و الأوكتادراخم و هي أعلى فئات النقود اليونانية الفضية و لم تكن شائعة مثل فئات التترادراخم و الدراخم ،

و بعد احصاء المدن التي ضربت بها تلك القطع تبين أن أكثرها ينتمي لاقليم مقدونيا ، لكن الكنز لا يخلو من حضور أثينا و كورينثة و لِوْكاس و ديلفي و ليقيا و كيرينيا ، و كان تتبع مواضع تلك المدن على الخريطة يرسم لنا شبكة التجارة و العلاقات الدولية في شرق المتوسط بذاك الزمان ؛ كما يظهر وضعية غزة القديمة في قلب تلك الشبكة.

كنز غزة المنسي
اقليم مقدونيا ، فئات مختلفة ، ضمن كنز غزة – CNG مجموعة خاصة

بيع الكنز

قررت عائلة “ترزي” بيع الكنز و اخراجه من غزة ، و بالفعل أعلنت شركة CNG عن طرح قطع الكنز مجتمعة بمزاد في يناير عام 2016 ، و قد قدرت السعر بمبلغ 300,000 دولار أمريكي لكن أهمية الكنز كانت سببا لوصول السعر بالمزاد لمبلغ 450,000 دولار أمريكي ، و كما هو متوقع لم تعلن الشركة عن هوية المشتري.
 
يبقى الآن أن نطلق العنان للخيال المنطقي لنحاول التعرف على الكيفية التي اجتمعت بها تلك القطع الفضية معا ، ثم البحث في مصيرها و مرقدها في قاع البحر بذلك المكان تحديدا لأكثر من ألفي عام تنتظر أن تلتقطها يد “سلامة” صياد الأسماك لتحكي لنا حكايات الماضي الذي لا نعرف عنه الكثير ؛ على عكس ما نعتقد ..
كنز غزة المنسي
أتيكا/أثينا ، فئة تترادراخم ، ضمن كنز غزة – CNG مجموعة خاصة
كنز غزة المنسي
كورينثة و ليقيا و كيرينيا ، فئات مختلفة ، ضمن كنز غزة – CNG مجموعة خاصة
كنز غزة المنسي
ديلفي ، فئة ترايدراخم ، ضمن كنز غزة – CNG مجموعة خاصة
كنز غزة المنسي
ديلفي ، فئة ترايدراخم ، ضمن كنز غزة – تم بيعهما منفصلين عن اللوط الذي شمل باقي الكنز

المصادر

 
– Fernando López Sánchez and Daniel Gómez Castro , The Gaza 1960s Hoard: An Assemblage of Archaic Greek Coins , AMERICAN JOURNAL OF NUMISMATICS 2015 / page 1-8.
– The Oxford Handbook of Greek and Roman coinage.

يمكم متابهة مواضيع مشابهة للكاتب من الرابط التالي:

دنانيــر شجــر الــدر

Previous articleمصطلحات هامة عن العملات المعدنية
Next articleهل استنفذت مصلحة سك العملة المصرية افكارها
محمد عبد الحميد
مهندس مصري و باحث حر في تاريخ المسكوكات Egyptian engineer and freelance researcher in the history of coins