كثيرا ما سمعنا عن فكرة ان يغيظ أحد الأطفال طفلا اخر لأي سبب من الأسباب وأحيانا يحاول الطفل ان يغيظ شخصا اكبر منة عقلا أو مقاما .. كل هذا عادي جدا ومعتاد في حياتنا اليومية … لكن عندما نتصفح التاريخ احيانا نجد ان الدول الكبري هي أيضا سارت علي نفس النهج. وهذه هي قصة اليوم، قصة عملات “فيجو” ..
في عام ١٧٠٢ ورثت الملكة “آن” عرش إنجلترا، الا ان هذا لم يكن كل ما ورثته، فكانت قد ورثت أيضا صراعات خارجية مريرة مع القوي الأوروبية العظمي وقتها: اسبانيا وفرنسا …
كانت الحرب – كجميع الحروب قبلها وبعدها – مكلفة للغاية واعتمدت اسبانيا علي الذهب والفضة المستخرجين من مستعمراتها في العالم الجديد (امريكا الشمالية) لتمويل المجهود الحربي وأدركت أنجلترا هذا سريعا فأرسلت أسطولًا قطع طرق المواصلات بين الموانئ الأمريكية وأسبانيا مما جعل الطريق محفوفا بالمخاطر لمدة ثلاث سنوات كاملة.
بعد فترة تمكنت اسبانيا وفرنسا اخيرا من تجهيز أسطول مرافقة قوي وخرجت السفن محملة بالكنوز في حماية ٥٦ قطعة بحرية متوجهة جميعها لميناء “كاديز” بأسبانيا.
في نفس الوقت كانت معركة طاحنة تدور في “كاديز” انتهت بخسارة مذلة للأسطول الإنجليزي، لكن نظرا لخطورة الموقف العام تم إصدار الأوامر للأسطول الذهبي بتفادي منطقة “كاديز” تماما والتوجه لميناء “فيجو” حتي تهدأ الأمور.
عرفت بقايا الأسطول الإنجليزي المهزوم أخبار السفن المحملة بالذهب … الاغراء كان قويا بشكل لا يمكن مقاومته، فأصدر الأميرال الإنجليزي أمرة بالبحث حتي تم رصد الأسطول الأسباني المتوجه ل”فيجو” وتم تتبعه..
المعركة كانت قصيرة ومباغتة اذ لم تستمر سوي ساعتين فقط وسقط الكنز الأسباني في أيدي إنجلترا – الحصيلة كانت استيلاء إنجلترا علي الذهب والفضة و تدمير الأسطول الفرنسي والاستيلاء علي اغلب سفن الأسطول الأسباني.
عند وصول الكنز لإنجلترا تم صهر العملات الأسبانية وتقرر إعادة سكها كعملات إنجليزية تحمل وجة الملكة … وكصفعة اخيرة لأسبانيا اقترح مدير دار السك إضافة كلمة “فيجو” تحت صورة رأس الملكة حتي يتذكر العالم دوما قصة هذه القطع وكيف حول الأسطول الإنجليزي هزيمته الي انتصار رائع. يكفي ان نذكر ان الملك “بيتر الثاني” ملك البرتغال والذي كان متحالفا مع الأسبان، بمجرد رؤيته للعملات الإنجليزية قرر إلغاء هذا التحالف واستبداله بأخر مع القوة العالمية الصاعدة: إنجلترا.
هذا الشكل من استخدام العملات المتداولة في الدعاية العسكرية كان الأول من نوعه في التاريخ ونجح نجاحا باهرا اذ ساهم في تعريف إنجلترا للعالم كقوة بحرية عظمي، لدرجة انه عند تكرار نفس السيناريو بعد ٤٣ عاما في عهد الملك “جورج الثاني” قرر صهر غنائم معارك “ليما” وأضاف الكلمة لعملاته هو أيضا.
بقي ان نذكر ان مدير مصلحة السك، ذلك الرجل الذي اقترح اضافة كلمة “فيجو” للعملات، ما هو الا العالم الإنجليزي الشهير “اسحق نيوتن”!
محب رزق الله