لو قام سائح عربي بسياحة في البلاد العربية وجعل دأبه دراسة الاحوال الاقتصادية مجتازا كل صور عمرانية محسوسة ووقف على تطور الأنفس والعقول، ما استطاع ان يصل الى صورة جامعة مانعة تريه كهذه الصورة الرائعة المختلفة الالوان والاشكال المعروفة “بالمعرض العربي الأول” في القدس اليوم
تلك هي اقتباس من الكلمات الافتتاحيه للتقرير الخاص من مجلة العرب والصادر في 15 يوليو (تموز) عام 1933 عن المعرض العربي الأول في القدس.
المعرض العربي الأول 1933
في يوم الجمعة 7 يوليو (تموز) 1933 الموافق 14 ربيع الأول 1352 هـ، تجمع حشد كبير خارج المدخل المقوس الرائع لمبنى فندق بالاس في القدس او كما يعرف في ذلك الوقت بفندق الأوقاف. وكان الحشد قد وصل من مختلف أنحاء فلسطين والعالم العربي بهدف حضور افتتاح المعرض العربي الأول في فلسطين. استعرض المعرض التطورات الزراعية والصناعية الجارية في العالم العربي وعرض المنتجات المصنعة في جميع أنحاء المنطقة. كان الأول من بين معرضين عربيين تم تنظيمهما في القدس الانتدابية. افتتح الثاني أبوابه في أبريل 1934.
تم تأسيس شركة لإدارة المعرض تحت إسم شركة المعرض العربي المحدودة عام 1932 براس مال 5000 جنيه فلسطيني لخمسة الاف سهم ولكن كان المدفوع كان دون الالفي جنيه قليلا لذا تم عمل إكتتاب عام دعت فيه الشركة كل وطني بفلسطين الى الاشتراك في اسهم الشركة بمقدار ماتساعده ظروفه المالية، راجيا كل الهيئات الوطنية للعمل على انجاح المعرض.
وشاركت في المعرض دولا عربية منها مصر والعراق والحجاز ونجد وشرق الاردن وأيدته الحكومة السورية وجاء في تقرير المعرض ان عدد العارضين بلغ 187 عارضا من اشخاص وشركات وحضرت وفود عديدة من مختلف انحاء فلسطين والدول العربية المجاورة
المعرض العربي الثاني 1934
في ذلك الحين كانت فلسطين تمر بأزمة اقتصادية خلال عقد الثلاثينيات، لذلك فإن إقامة معرض اقتصادي عبر عن الأمل في تحسين الوضع الاقتصادي للمدينة من خلال استضافة العديد من الجهات القادمة من الأقطار العربية كسوريا والعراق وغيرها
بعد ان كان مقررا افتتاح المعرض في 6 من ابريل – نيسان تم تأجيل الموعد وافتتح المعرض الفلسطيني العربي الثاني في 11 أبريل (نيسان) عام 1934 حتي 11 من مايو (أيار) لنفس العام، في قاعة فندق بالاس القدس.والتأجيل تم بناء على طلب الكثير من العارضين لإنتظار وصول معروضاتهم كما تم مد العمل للمعرض حتى يوم 25 مايو (أيار) لعام 1934.
وكان معرض صناعي تجاري أنشيء بدعم من المجلس الإسلامي الفلسطيني، شاركت فيه مؤسسات صناعية فلسطينية وسورية وعرضت به انتاجها من الصناعات
كان معرضا القدس حدث بالغ الأهمية لفلسطين والمنطقة العربية. كان الهدف من المعارض هو إظهار أن الدول العربية كانت تشهد ابتكارات ملحوظة في القطاعين الصناعي والزراعي على الرغم من الاستعمار الأوروبي وليس بسببه. بالإضافة إلى ذلك ، فقد سهلت الطبيعة القومية العربية للمعارض فرصة استثنائية لتبادل المعرفة والخبرة بين الدول العربية في مواجهة الانقسام الجيوسياسي الذي أعقب الحرب العظمى.
تذكاريات المعرض العربي الأول
تم توزيع ميداليات تذكارية برونزية في المعرض العربي الأول تم نقش الكلمات التاليه علي الوجه:
ذكرى المعرض العربي بالقدس سنة 1352
اما ظهر المديالية فتم نقش الكلمات التاليه:
ذكرى التتعاون الاقتصادي للأقطار العربية سنة 1352
أوسمة المعرض العربي الثاني
ذكرت مجلة العرب في عدها الصادر في 14 أبريل (نيسان) عام 1934 انه قد أوصت إدارة المعرض العربي بالعمل علي وسامات كبيره ذهبية وفضية وبرونزية لتوزيعها علي العرضين وتم إختيار مصر ليتم صنع تلك الأوسمة بها وذكرت مجلة العرب في عددها الصادر في 14 أبريل (نيسان) عام 1934 وصفا ورسما مكبرا للميداليتين.
أوكلت للفنان جمال أفندي بدران وضع التصميمات للأوسمة، ويحمل تصميم الوجه للميدالية الذهبية والفضية صورة قبة الصخرة المشرفة في الحرم الشريف وكتبت فوقها بالخط الكوفي الانيق (المعرض العربي الثاني. القدس 1353)
أما تصميم الظهر للميدالية الذهبية والفضية فلقد إشتملت على صورة جزيرة العرب بأقصى حدودها ومصر وقد انبعثت خطوط ذات رمز بديع من القدس الى كبيريات لعواصم والمدن العربية وتحنو على الصورة شجرة من نخيل.
وتمت كتابة كلمة ” الوحدة الاقتصادية العربية” اسفل الميدالية
اما بالنسبة للميدالية البرونزية فلقد حمل الوجه الجملة التالية بالخط الكوفي: المعرض العربي الثاني بالقدس وبالاعلى تمت كتابة التاريخ الهجري 1353 واحيطت بزخارف اسلامية
والظهر نقشت عليه جملة: الوحدة الإقتصادية العربية.
طابع المعرض العربي الثاني
كما ذكرت مجلة العرب ان شركة المعرض العربي قد أوكلت للفنان جمال افندي بدران وضع رسم للطوابع البريدية والتي استعملتها ادارة المعرض بالصاقها على الرسائل البريدية وتم تكليف مصر بطباعتها، والرمز فيها ظاهر وهو عربي ينتصب قائما محطما القيود ورافعا بيده كرة كتب في وسطها القدس ومنها يشع النور الى العالم العربي.
جدير بالذكر انها طوابع دعائية بدون قيمة إسمية يوجد منها الوان عديدة مثل البرتقالي والأصفر والبنفسجي واللون الزهري والبني.
نهاية الحلم
وفي 27 يناير من عام 1934 اذاعت شركة المعرض العربي الثاني بيانا بنتائج المعرض الأول ودعت الأمة لمناصرة المعرض الثاني والاكتتاب فيه وتأييده
و في عام 1935 اذاعت الشركة نشرة ضمنتها حسابها للسنة المنتهية في 31 كانون الأول سنة 1934 يفهم منها ان الواردات بلغت 2701 جنيها فلسطينيا و 313 ملا وان النفقات كانت 2699 جنيها فلسطينيا وثلاثة ملات.
وان النتيجة كانت كانت حسنة بالرغم من ان الشركة اقامت معرضين متواليين في أقل من سنتين وعوضا عن ان تخرج بخسارة في المعرض الثاني لهذا السبب فقد قيدت في حسابها المدور للسنة التالية ربحا صافيا قدرة جنيهان و 310 ملات.
وفي 8 مارس (اذار) عقد مجلس ادارة المعرض اجتماعا في البنك العربي بالقدس لابرام قرقر خاص في حل شركة المعرض وتصفيتها تصفية اختيارية وتوزيع بدلات الاسهم على اربابها وكان من المأمول ان تؤلف شركة كبيرة لإنشاء المعارض في البلاد.
المصادر
بورتريه ذاتي لأمة ، المعرض العربي في القدس الانتدابية ، 1931-1934 ، لنادي أبو سعدة ، ربع سنوي القدس ، العدد 77
الارشيف الوطني – المتحف الفلسطيني
جريدة فلسطين، 15 نيسان 1934
مجلة الاقتصاديات العربية 1935 – العدد 5 – الاول من مارس
مجلة العرب (اعداد ارشيفية) – British Library
جريدة مراة الشرق (اعداد ارشيفية)
جريدة الدفاع (اعداد ارشيفية)
بعض من الصور المعروضة هي من مقتنيات الاستاذ الباحث محمد خلف
يمكنك متابعة المزيد من المنشورات المشابهة علي المقتني العربي من خلال الرابط التالي:
أقدم مسكوكات القدس