سأتطرق في هذا المقال لجانب غير مطروق ، قد يظن البعض أنه لا علاقة له بعلم النميات ، إنها الفلسفة ، نعم يمكن أن يخدم علم النميات الفلسفة ، و سأطرح معكم نموذجاً لهذا الأمر من خلال التأمل في العلاقة بين النقود و السياسة و الدين ، قد تبدو تلك العلاقة من الوهلة الأولى مبهمة و لا دخل لها بالفلسفة
لكن الحقيقة أن فهم كل جوانب العلاقة بين مكونات هذا الثالوث تحتاج لتأمل فلسفي عميق ممزوج بتاريخ العملات، و دعونا نسأل مرة أخرى ؛ ما هي طبيعة العلاقة بين النقود و السياسة و الدين ؟؟؟
لا يمضي يوم إلا و تلامسها أناملنا ، نتداولها في كل تعاملاتنا ، و تأثيراتها في شتى نواحي الحياة واضحة وضوح الشمس ، و حضورها طاغي يجعل المرء يظن أنها المُسيِّر الرئيسي لحركة البشر ، إنها العملات الساحرة ببريق معادنها و برائحة حبر ورقها ، و مثلما تسحر النقود المتداولة متداوليها ؛ تسحر أيضاً القديمة منها المهتمين بعلم النميات و هواة الاقتناء ، فالنقود لا تفقد سحرها أبداً ،
و قد اعتاد علماء النميات و الباحثون في التاريخ و هواة الجمع و الاقتناء دراسة كل ما يخص النقود القديمة ، و استخلصوا من دراستهم هذه فيض لا ينضب من المعلومات عن حياة القدماء و نشاطهم الاقتصادي و أخبار ملوكهم و طبيعة عقائدهم و أنواع فنونهم ؛ و الكثير الكثير مما لا يتسع المجال لذكره ، و لقد وُظِّف هذا الفيض من المعلومات لخدمة كتابة التاريخ ، لكن هل يمكن أن يخدم علم النميات فروع أخرى من العلوم الانسانية ؟؟؟
أرى أن جزء كببر من الاجابة مستتر في التاريخ القديم ، أو بالأحرى القديم جدا ، و لا أبالغ ان ادعيت بأن البحث عن الاجابة قد يحكي لنا تاريخ البشرية ، لذا دعونا نبدأ معاً الحكاية من أولها ..
لتحميل إصدارات مختلفة من المقتني العربي برجاء التوجه الي الصفحة الرئيسية