هل هواية جمع العملات تعتبر جريمة تقع تحت طائلة الأثار؟
هذا المقال لا يعبر عن رأي المقتني العربي انما هو فقط يمثل رأي الكاتب الشخصي.
منذ حوالي ٢٠ عاما عندما اتخذت قرار الهجرة، نبهني الاخوة الافاضل بعدم محاولة الخروج من مصر بأي عملة مر عليها اكثر من ١٠٠ عام والا تعرضت للمسائلة القانونية اذ انها تعتبر اثارا ووقتها تعجبت من شدة الاجراءات خصوصا ان ١٠٠ عام من عمر مصر تعتبر فترة قصيرة جدا لكني احترمت القانون علي كل حال.
بعدها بفترة عندما استقر بي الحال في استراليا، دلفت لمتجر عملات وانتيكات وانا اضحك في سري مفكرا، تري ما عمر “الانتيكات” المسموح بتداولها في بلد عمره ٢٠٠ عام؟ ربما ٢٠ او ٣٠ سنة علي الاكثر؟ وصدمت حينما وجدت قطعا كثيرة منذ فترة ما قبل الاتحاد الفيدرالي واخري تفوق عمر مستعمرة استراليا نفسها! وتجاذبت اطراف الحديث مع البائع واشرت للوضع في مصر – الرجل اجاب بدبلوماسية ولم يوجه اي لوم للقوانين المصرية، علي كل حال هذا شأنهم لا شأنه لكنه اوضح ان التفكير الاسترالي – والغربي عموما – هو اتاحة كل ما هو قديم للأجيال الجديدة كي تتعرف علي ماضيها وتتعلم منه وتحبه اكثر، بل ان محدثي ذهب الي ما هو اكثر من ذلك واكد ان اقتناء القديم يؤدي بالتبعية لحب الوطن والفخر بتاريخه، قلت له مدافعا بيأس – ربما سنت تلك القوانين لحماية تراث بعض البلدان حتي لا يندثر بين الهواة، كتم ضحكته قائلا، هل تظن ان من دفع مبلغا وقدرة من المال لاقتناء عملة قديمة لن يحافظ عليها ويزهو بها؟ ان كبار الهواة العالميين يبنون لانفسهم اسما وسمعة نظرا لمساهماتهم في الحفاظ علي هذا التراث فنري اسماء لامعة ك”الياسبرج” و”پيتمان” يذكرون بكل التوقير والاحترام حتي بعد رحيلهم بسنوات.
هواية جمع العملات والحكومة المصرية
مؤخرا بدأت الحكومة المصرية مطاردة تجار وهواة العملات والتضييق عليهم اسوة بما تفعل مع تجار المخدرات .. وحتي فترة قريبة كان الوضع مضحكا مبكيا من نوعية “لا يحدث الا في مصر” علي اساس غباء تطبيق القانون دون النظر لروحه، لكن اليوم اصبح وضعا مبكيا فقط .. النتيجة المتوقعة هنا هي ببساطة:
١) عزوف التجار والهواة علي حد سواء عن هواية جمع العملات المصرية
٢) خروج كل القطع الجميلة من مصر او صهرها منعا للوقوع تحت طائلة القانون
٣) نفقد نحن فرصة اخري للتواصل مع مجد مصر القديم
علاوة علي ذلك، فهواية جمع العملات لا يمكن ابدا ان تعتبر اثارا ذات قيمة تاريخية نادرة ولا يمكن ان تقارن مثلا بالاثار الفرعونية الملكية – فقناع توت عنخ امون هو قناع واحد لا مثيل له في العالم وصنع لملك ليس لشخص عادي – بينما مثلا ٥ مليمات ١٩١٧ سك هيتون صنعت منها ٣٧ مليون قطعة كلها تحمل ذات النقش والرسم والتفاصيل! عددا مهولا لدرجة انها سكت بواقع ٣ قطع لكل مواطن مصري في زمنها!
ولو اخذنا بمبدأ ان “كل شئ قديم هو اثري” والذي يطبقة القانون المصري بحزم، فهل يعني هذا ان بعد ٢٠ عاما من الان سيعتبر الشبشب البلدي “الزنوبة” اثرا؟ (الزنوبة هو الشبشب المصنوع في مصر والذي كان يوزع بشكل شبه رمزي في اطار مشروع مكافحة الحفاء برعاية الملك فاروق عام ١٩٤١).
الكثيرون لا يعرفون انه حتي منتصف الثمانينيات كانت هناك محلات مرخصة بمصر لبيع الاثار الفرعونية للمصريين والاجانب وكانت تباع كل قطعة بشهادة ضمان اصلية وكذلك تصريح تصدير! (انظر الصور المرفقة لمحلات الحاج حفناوي الشهيرة في الستينات) لا اقول ان هذا كان تصرفا سليما تماما لكن ايضا التجريم الكامل ليس صحيا هو الاخر.
لا ادري اذا كان هذا الهجوم الضاري علي هواية جمع العملات مقصودا وله ابعاد اخري او اجندة لا اعلمها ام هو مجرد تطبيق من موظف / ضابط بيروقراطي ربما استسهل فبدلا من مطاردة الخطرين، اراد اظهار قدرته الفائقة بالايقاع باناس كل ذنبهم انهم احبوا تاريخ مصر؟
محل لبيع اثار لصاحبه الحاج حفناوي إسماعيل الشاعر تاجر اثار بنزلة السمان الجيزة رخصة رقم “1” للبيع والاتجار في الآثار المصريه في23 ديسمبر 1963
لمزيد من الموضوعات المشابهة يمكنك تصفح موقع المقتني العربي من خلال الرابط التالي: