قصة طابع عربي

25

اجتماع الملوك والرؤساء العرب في زهراء انشاص بمصر عام ١٩٤٦

في الثامن والعشرون من شهر مايو ١٩٤٦ دعت المملكة المصرية لعقد مؤتمر هام لبحث ومناقشة القضايا التي تواجة الأمة العربية ودورها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار قوات الحلفاء. وبالفعل تمت دعوة رؤساء وملوك ستة دول عربية مستقلة الي جانب مصر وهي: اليمن ولبنان والسعودية والعراق وشرق الأردن وسوريا.وربما لا يعلم الكثيرون انه بعد ايام قليلة وفي يونيو من نفس العام، رفعت الحكومة المصرية الي الاعتاب الملكية السامية اسكتش مبدئي لتخليد المؤتمر علي الطوابع البريدية وكان التصميم المقترح عبارة عن طابع واحد بالحجم المستخدم عادة للمناسبات التذكارية المصرية ويحمل ٧ اشكال بيضاوية داخل كل منها صورة ملك او رئيس ومرتبة بحسب بروتوكول جامعة الدول العربية.الا ان هذا الاسكتش لم يحظ بموافقة الملك فاروق اذ ان الطابع بدا مزدحما اكثر من اللازم كما كانت الصور صغيرة ولا تتناسب مع مكانة ضيوف مصر، فإقترحت الوزارة اصدار طابع يمثل كل دولة، وكل منها بلون مختلف وقيمة اسمية مختلفة وتحمل صورة الملك او الرئيس الي جانب خلفية موحدة وهي لقصر انشاص الذي اقيمت فية فعاليات المؤتمر الهام.

وإذ ذاك صممت اسكتشات جديدة تماما في شهر يوليو وارسلت مع مندوب خاص لمقر إقامة الملك الصيفي: قصر رأس التين بالإسكندرية. وقد اشر الملك بالموافقة علي التصميم فورا فبدأت مصلحة المساحة المصرية في العمل يوم ٢١ يوليو، كما تكفلت الخاصة الملكية بتزويد المصممين بصورا رسمية لقصر زهراء انشاص.وتم التواصل مع البعثات والمفوضيات العربية والتي أرسلت بدورها صورا رسمية للملوك والرؤساء فاضافت المصلحة هذه الصور واعادت ارسال الاسكتشات للبعثات للحصول علي الموافقة النهائية قبل بدء الطباعة. (بالنسبة لطابع للمملكة المصرية فقد تقرر استخدام الصورة الرسمية التي تظهر في الفئات الصغري من مجموعة طوابع “فاروق ماريشال”).

معلومة طريفة؛ لم تكن هناك صور لجلالة الامام يحيي محمد حميد الدين امام اليمن (وكان رافضا طوال حياته التقاط أي صور فوتوغرافية له) فاستخدمت صورة لولي العهد الأمير سيف الإسلام عبد الله. معلومة اخري: لم يتمكن كل من جلالة الملك عبد العزيز ال سعود ملك المملكة العربية السعودية، وجلالة الامام يحي امام اليمن وجلالة الملك فيصل الثاني ملك العراق من حضور المؤتمر وارسلوا ولاة العهد او الاوصياء علي العروش نوابا عنهم.أيضا معلومة هامة اخري: تقرر ترتيب صور الملوك والرؤساء بناء علي الترتيب الابجدي لالقابهم الرسمية الكاملة – ماعدا مصر والتي امر الملك فاروق ان يحمل طابعها اقل فئة في المجموعة (١ مليم) بإعتبارها البلد المضيف ولا يصح ان يكون فئة اعلي من ضيوفه فكان الترتيب كالآتي:

١ مليم: مصر – جلالة الملك فاروق الأول٢ مليم: اليمن – صاحب السمو الأمير سيف الإسلام عبد الله٣ مليم: لبنان – فخامة الشيخ الرئيس بشارة الخوري٤ مليم: السعودية – جلالة الملك عبد العزيز ال سعود٥ مليم: العراق – جلالة الملك فيصل الثاني١٠ مليم: شرق الأردن – جلالة الملك عبد الله الأول بن الحسين١٥ مليم: سوريا – الرئيس شكري القوتلي

تم اخراج التصميم بشكل ثابت لكل الطوابع مع اختلاف الفئات والألوان وبالطبع صورة كل زعيم علي الجهة اليسري، الي جانب كلمات “Egypte” و “Postes” بالفرنسية والعربية وتاريخ ٢٨ مايو ١٩٤٦ باللغتين العربية والانجليزية وصورة قصر انشاص وكتب تحتة باللغة العربية “اجتماع ملوك ورؤساء الدول العربية”.وتم الانتهاء من السكتشات النهائية بحجم ٤ اضعاف لكل طابع كما جرت العادة كذلك تم طباعة افرخ خصيصة مكونة من ٩ طوابع كبروفة فوتوجرافور ورفعت جميعها لجلالة الملك يوم ١٨ أغسطس ١٩٤٦ وقد امر جلالته بتقليص صورة كل طابع قليلا اذ ان الحواف كانت صغيرة جدا مما قد يؤدي لمشاكل في مرحلة التخريم لاحقا.

وبناء عليه قلصت المصلحة حجم التصميم فعلا وأصدرت فرخا واحدا من ٥٠ طابع لكل شكل وعرضت هذه الافرخ علي جلالة الملك مرة أخيرة لاستطلاع رأيه من حيث نوعية الورق والعلامة المائية والتخريم والترتيب.ومن المعلومات الجميلة بالنسبة لهذا الإصدار ان الإدارة المصرية قررت عدم الالتزام بارشادات اتحاد البريد العالمي بالنسبة للألوان الخاصة بكل فئة بل روعي قدر الإمكان ان يعكس كل لون البلد الممثل لة بالشكل الآتي:

١ مليم: الأخضر وهو اللون الوطني للآمة المصرية٢ مليم: بني رمزا للقهوة اليمنية٣ مليم: ازرق رمزا لشواطئ وبحر لبنان٤ مليم: برتقالي رمزا للصحراء الحجازية٥ مليم: احمر قرمزي يعكس احد الوان العلم الملكي العراقي١٠ مليم: رمادي رمزا لسفح جبال امارة شرق الأردن١٥ مليم: اختير اللون البنفسجي لزهور البنفسج السورية

تم طباعة كل التصميمات وارسلت للمكاتب البريدية في جميع انحاء المملكة المصرية مابين ٢٨-٣١ أكتوبر ١٩٤٦ وكانت اقل الفئات المطبوعة هي ال٥ و ال١٠ مليم اذ لم تتجاوز الربع مليون الا قليلا بينما طبع حوالي نصف مليون طابع من الفئات الأخرى. وتكلفت طباعة المجموعة كلها حوالي ١،١٠٥ جنيها مصريا وكسور بواقع ٣٠ قرشا لكل الف طابع.وطرحت الطوابع للبيع لعامة الشعب مابين يومي ٩ و ١٥ نوفمبر عام ١٩٤٦ وهذه هي قصة احدي أوائل المحاولات لإصدار طابع “عربي” بحق.

محب رزق الله

Previous articleجريدة الأيجيبشين جازيت
Next articleدورة تدريبية للمسكوكات الاثرية