مقدمة

في أغلب الأحيان نظن ان البشر هم ابطال كل القصص، سواء بالخير أو بالشر .. لكن احيانا ربما تكون للجماد قصته الخاصة به، ولو تكلم الجماد لسمعنا اغرب الحكايات وأعجبها! اليوم نسوق قصة “قطعتين” ونروي أحداثا جسيمة ربطتا بين مصر وألمانيا تاريخيا ولعبت هاتان القطعتان دور البطولة فيها …

84086506 1645515375606491 2607188828212953088 n

الفصل الأول

تأمل الجنرال “فون براوشيتش” عصا الماريشالية الخاصة به في حسرة داخل خيمته، أصوات انفجارات المدفعية السوفياتية الثقيلة في الأفق البعيد عالية جدا، لكنه لا ينصت اليها، فعقله مشغول بالماضي … ما الذي اتي به الي هذا المكان اللعين؟!
يتذكر كيف ترقي بمجهوده الذاتي حتي حصل علي رتبة جنرال في الجيش الألماني -وهو غير هؤلاء المهرجين الذين عينهم “هتلر” فيما بعد … تذكر كيف كان والدة وجدة النبلاء قبلا ضباطا في الجيش أيضا وكيف انتصر علي أعداء ألمانيا في معارك سيخلدها التاريخ في الحرب العظمي الأولي .. وتحسس أوراق البلوط الذهبية التي تزين ياقته وادرك انها -وربما لأول مرة منذ ان ارتداها – تخنقه .. وعاودت عينية التطلع لعصا الماريشالية وما تمثله وتذكر قصتها معه وكيف حصل عليها …
 
85137029 1645515432273152 4392463483115929600 o

يوليو 1940

العصا يبلغ طولها ٥٠ سم وقطرها ٣،٥ سم، مصنوعة من الفضة ومغطاة بالمخمل الأحمر الفاخر، تحتوي علي ٢٠ نسرا ألمانيا وكذلك ٢٠ صليبا معقوفا في تبادل جميل وجميعها مصنوع من الذهب الخالص، الطرفان يحملان حلقتان من الفضة منقوش عليهما اسم صاحبها والتاريخ بالذهب أما القاعدتان فمصنوعتان أيضا من الذهب ويحملان شعارا النسر والصليب النازي، صنعت علي يد امهر صاغة اوروبا وتكلفت حوالي ٦،٠٠٠ مارك (حوالي ٣٥ الف دولار أمريكي بمقاييس اليوم) … هذه العصا تمثل قمة المجد وحلم كل ضابط في القوات المسلحة الألمانية، الجيش الذي لا يقهر الذي انتصر علي اعتي جيوش أوروبا في أسبوعين فقط و …

86217219 1645515465606482 3324935540490371072 o
يقطع حبل افكار المارشال دخول ياورة الخاص والذي يؤدي التحية النازية “هايل هتلر ماين فيلد مارشال!” ويسلمه إشارة جديدة من برلين ثم ينصرف، يفضها “فون براوشيتش” ويقرأ محتوياتها المقتضبة ثم تبدأ أصابعه في الإرتجاف: “بعد مشاورات دقيقة وتقييم عملي لأدائكم في مسرح العمليات الروسي، قررنا إعفائهم من منصبكم فورا ودون إبطاء وتسليم انفسكم للخدمة في صفوف ضباط الاحتياط – التوقيع: ادولف هتلر”
 
تموج الدنيا بالفيلد مارشال وتمتد يده ببطء للعصا الفاخرة، تتحسسها لحظات ثم يغلق الصندوق ….
 
84336996 1645515708939791 453964153262964736 o

فيما بعد، سيعود “فون براوشيتش” لدارة ولن يري وجة “هتلر” مرة ثانية قط، بعد سقوط ألمانيا تأتي قوات الحلفاء وتقبض علي الرجل العجوز وتدعه في معسكر اعتقال في “ويلز” بالجزر البريطانية، ويتوفي عن عمر ٦٧ عاما في ١٩٤٨ من مضاعفات نزلة شعبية حادة دون ان يعلم ان عصاه العزيزة الآن في حوزة ملك مصر، فاروق الأول!

نهاية الفصل الأول
محب رزق الله
84802672 1645515325606496 3431196527496790016 n

84707529 1645515612273134 2958544026636124160 o
84845681 1645515585606470 4715407210883055616 o