القوات البريطانية والمستعمرات فى غاية التوتر، قوات النازى تجتاح أوروبا كلها وربما المملكة المتحدة قريبا، المصريون يقدمون المساعدات ولكن بشروط اهمها ان تشتري بريطانيا محصول القطن كله وخزينة الامبراطورية شبة خاوية.. الحالة المعنوية للجنود فى أسوأ حالاتها، فالألمان والإيطاليون يغرقون السفن المحملة بالبريد في البحر المتوسط تقريبا كل يوم، وإذا ما أرسلت الخطابات بالبحر عن طريق راس الرجاء الصالح بعيدا عن قوات المحور لاستغرق وصول الخطابات ٦ أشهر! كما ان البريد الجوى لا يمكنة استيعاب هذا الكم المهول من الخطابات .
والبريد اثناء الحرب – لمن لا يعلم – قد يكون اهم من العدة والعتاد فهو السبيل الوحيد للاطمئنان على الأهل .. وعدم المراسلة بشكل منتظم مرعب ويثير الخيالات ، وبحكم التحركات العسكرية كان لزاما وجود وحدات كندية وامريكية فى بريطانيا وكان الجنود البريطانيون يتوقعون الأسوأ بالنسبة لزوجاتهم وحبيباتهم وخصوصا من الكنديون الملاعين المرابطين ببلدهم والذين كانت لهم سمعة سيئة ..
الامر اصبح جد خطير بالنسبة للقيادة العسكرية وإعداد خطابات البريد المفقود مرعبة، على سبيل المثال القوات النيوزيلاندية فى مصر حاولت إرسال ١٥٠،٠٠٠ خطاب خلال شهر واحد لم يصل احداها! وصعد الامر حتى نوقش فى مجلس النواب، كان لابد من إيجاد حل وبأى ثمن وحالا.وكان الحل هو الايرجراف Airgraph، الفكرة تتلخص فى ان يكتب الجنود خطاباتهم وترسل لهيئة البريد حيث تفتح من جهة الرقيب وتصور على ميكروفيلم ثم يرسل الميكروفيلم نفسة بالطائرة حيث يحمض وتطبع كل رسالة وحدها وتسلم للمرسل الية.الفكرة لاقت نجاحا باهرا، اذ ان ١٦٠٠ خطابا عاديا بدلا من ان تزن ٢٣ كيلوجراما أصبحت تملأ ميكروفيلم واحد بزنة كيلوجرام ونصف فقط وكان الخطاب الواحد يستغرق ٣ أسابيع!
اول ايرجراف صدر من لندن الى القاهرة وكان يحمل ٧٠،٠٠٠ رسالة وبعدها بعدة شهور استلم البريد الحربى بمصر اجهزة تسجيل ايرجراف من كوداك ايستمان ليتمكن الجنود من إرسال خطاباتهم لذويهم .. اعتبر مونتجومرى قائد القوات الانجليزية فى معركة العلمين هذا الاختراع احد الأسباب الهامة لنجاح الحلفاء فى القضاء على هتلر.اثناء الحرب وبعد نجاحها الساحق بمصر، عممت الفكرة فى دول عدة كالهند والجزائر الا ان بعد الحرب لم تعد تلقى رواجا لعدم تمتع الخطابات بأى خصوصية وتلاشت بعد أعوام قليلة، مرفق صورة لخطاب بختم ايرجراف اول يوم من مجموعتى الخاصة وفيديو من عام ١٩٤١ يشرح العملية برمتها:
محب رزق الله